
أراد أن يكتب عن الحب فخرجت كلماته عزفَ كمانٍ في آذان الفقراء
أراد أن يكتب عن الفقر فخرجت كلماته حمداً على مسبحة زاهد في آخر الليل
أراد أن يكتب عن أمه فخرجت كلماته أناشيد تصلح شعارات تعلق على بوابات الحروب
أراد أن يكتب عن العائلة فخرجت كلماته أماني تتدلى على الجسور والمعابر
أراد أن يكتب عن السِّلم فخرجت كلماته حبات قمح ذابله يطعِمُها إلى حمام يتيم
أراد أن يكتب عن أيامه فخرجت كلماته ماءاً تسلل هارباً من بين أصابعه
أراد أن يكتب عن الألم فخرجت كلماته بسماتٍ خجلى على وجوه مرضى لا يعرفهم
أراد أن يكتب عن أبنائه فخرجت كلماته خطبة عصماء لرجل عقيم
أراد أن يكتب عن اللاشيء فخرجت كلماته عدماً يمتد من أول القلب إلى منتهى الحلم.
..
_لم أفهم عليك ، ماذا تريد أن تقول ؟!
خذ من الابجدية ثلاثاً: الواو والطاء والنون
وابني عليها من الحروف الأخرى جداراً من التشبيهات والبلاغة تستند عليه اذا خذلك ظهرك في لحظة وانحنى..
والعب بجغرافية النص قليلاً ،بحيث تجد مكاناً يتسع لرغيف خبز غير ذليل ، وبيت دافئ لا يشغله لقمة الغد ولا توجعه الروح..
ثم اركل التاريخ الذي لم ينصفك في يوم ما إلى عتبة القلب والورقة..
وان ارتفعت ملوحة الدم في حرف ما ،اقتله لتزهد بالثورة ، فيبقى لك الأخ الطيب طيباً ، والولد الصالح صالحاً..
..
_لم أفهم عليك، ماذا تريد أن تقول؟!
أريد أن أعتلي المسرح وأغني
يا وحي الأولياء..
اهبط علي و لا تدعني لي ، علمني الكلام الذي يستريح على ضفة السماء،
يا حوريات الاساطير..ادلفي الى دمي وأطلقي فيه غضب الموج، وعلى هذا المدى الممتد ما بييننا أسكبي زرقة بحر يخرج من القلب لكنه لا يخون،
يا أيها الراحلون صوب المجهول ..قفوا على ناصية الحلم ،وأنصتوا إلى صهيل أخوتكم الذين انشطروا الى قابيل وهابيل..
وامسحوا عن جبينكم عرق العواصم التي رمت خسائرها في أكبادكم ،
يا رياح الشمال..ساعديني لأمضي.
...
يا فرحاً استوى على كامل الجرح..قبل أن تنهار،
لتنسى ما أنت ولأنسى ما أنا ،ودعنا نتبادل التحية ، تستعير مني لظى اللحظة ، وآخذ منك صدق الياسمين..
ويا تسبيحات الكون تلبسيني لأتجلى قليلاً..
ليخرج الصوت الذي شرده الغناء أكثر رقة..
لأرتب الجمل بسوادٍ أقل على بياضٍ وفير..
لأتعلم كيف تتروض الروح على لفظ السعير بأبجدية فارغه..
لأمرن العصبٍ الذي يرتجف على ضبط وتر الحياة.
ليخرج الحزن كلاماً خفيف الاقامة..أو هزيلاً ميتاً لا يلبث و أن يهرب سريعاً من الذاكرة..
...
_لم أفهم عليك ، ماذا تريد أن تقول؟
يا ميـلادي
أنا ابن هذا الزمان..لكن هذا الزمان لا يعترف بي
حين كنت صغيراً..
كان الأفق لي ،
والأرض كرة صغيرة حدودها أصابعي
كان القلب أكثر دهشة
والكلام الذي ينسدل ملعثماً كان في ذروته يلمع النقاء ،
كان الحزن/الفرح امتداداً للبراءه
وحين كنت ألعب مع الرفاق حرامي وعسكر،
كنت أعي جيداً ماذا يعني حرامي..
وماذا يعني عسكر
وما هي وظيفة البندقية
حتى وان كانت مصنوعة من خشب.
وحن أتعب كنت أغفو على حلم بسيط
نعم..لقد كانت الفطرة محكمتي العادلة.
يا ميـلادي
انا ابن هذا الزمان..لكن هذا الزمان لا يعترف بي
يكبر السواد كل يوم أكثر
يكبر الأسى الذي يبرق من الجدران ، من العيون ،والمآذن أكثر
يكبر القيد على مشارف الروح أكثر
يكبر الليل حتى سرق قبس النهار أكثر
وحين افتح القلب للشمس تحجبها
البصيرة المريضة في كل يوم اكثر
..
يا ميـلادي
لا أحلم بشيء ،
لكني أريد أن أعيش كما تعيش أحرار الطيور
هل هذا الزمان تغير ، وأصبح ليس لي
أم أنا الذي كبرتُ يا ميلادي!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق