[ لنبدأ من البداية . كانت حياتي كلها عجيبة . والحياة العجيبة لا تنتهي إلا بهذه النهاية العجيبة . حين سألت صاحبي الفضائي : كيف آويتموني ؟ قال : هل لديك من بديل ؟
فمتى كانت البداية ؟
كانت البداية حينما ولدت مرة أخرى بفضل حمار .
ففي الحوادث كمنوا لنا وأطلقوا الرصاص علينا . فصرعوا والدي ، رحمة الله عليه . أما أنا فوقع بيني وبينهم حمار سائب ، فجندلوه . فنفَقَ عوضـا عني . إنّ حياتي التي عشت في إسرائيل بعد ، هي فضلة هذه الدابة المسكينة .
فكيف علينا أن نقوم حياتي يا أستاذ ؟
غيرَ أنني أراني إنسانا فذا . ألم تقرأ عن كلاب لعقت الماء المشبع بالسم ، فماتت ، لتنبّه أسيادها ولتنقذ حياتهم ؟
وعن الخيول فرّت بفرسانها الجرحى ، تعدو سوابق ريح ، فأنفقها الإجهاد بعد أن بلغت بهم مضارب الأمان ؟
أما أنا فأول إنسان ، على ما اعهد ، أنقذه حمار محرن لا يسابق ريحاً ولا يبغم . فأنا إنسان فذ . وقد يكون الفضائيون اختاروني على ذلك .
علّمني ، بحياتك ، الإنسان الفذ من يكون ؟ أ هوَ الذي يختلف عن الآخرين ؟ ، أم هو الواحد من هؤلاء الآخرين ؟
قلت إنك لم تحس بي أبداً ، ذلك أنك بليد الحس يا محترم . فكم من مرة التقيتَ اسمي في أمهات الصحف ؟ ألم تقرأ عن المئات الذين حبستهم شرطة حيفا في ساحة الحناطير ( باريس حالياً ) يوم انفجار البطيخة ؟ كل عربي ساب في حيفا السقلى على الأثر حبسوه ، من راجل ومن راكب . وذكرت الصحف أسماء الوجهاء الذين حُبسوا سهواً ، وآخرين .
آخرون ؟ - هؤلاء أنا - . الصحف لا تسهو عني . فكيف تزعم انك لم تسمع بي ؟ إنّي إنسان فذ . فلا تستطيع صحيفة ذات اطلاع ، وذات مصادر ، وذات إعلانات ، وذات ذوات ، وذات قرون ، أن تهملني . إنّ معشري يملئون البيدر والدسكرة والمخمرة . أنا الآخرون . أنا فذّ . ]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق