
رحلة عاجلة :
الذين أبصروك تغرق لم يرموا لكَ طوق النجاة لأنهم يعلمون يقينا ً
بأن السلامة لاتصلح لمن هم من أمثالِ سلالتك , لذا سافر نحو الموت بلاعودة
واحملْ معكَ جوازَ سفر ٍ لاسم ٍ لا تعرفه وحقيبة ٌسوداء تزعمُ أُمكَ المسكينة أنها لك!
خدعة يد:
حين نودع الآخرين في مطارات النسيان
يُلوحون لنا بأيدهم قائلين :
" باي باي"
ليس لأنهم سيشتاقون لنا مع مرورِ الوقت
بل لأنهم يريدون منا وفي آخر لحظة
أن نرى اليدَ التي لن نصافحها بعد اليوم !
طوط طوط! :
في صِغَري كنتُ أتوسدُ بذراعي كتف صديق ٍ أمامي لنردد سوياً
في ساحة بيتنا الضيقة "طوط طوط أنا القطار السريع أمشي ولا أستريح"
والآن وبعد أن سقطَ من وجهي عشرون سنة لاحظتُ بأن هناك أثارا ً
على ظهري لعجلاتٍ تزنُ ألفَ دمعةٍ من عينِ كريم ,تيقنتُ حينها
أن ذلك القطار قد دهسني مُسرعا ً وأنا من كنتُ أغني له!
بطاقة أحوال :
ابنُ الذين خرجوا من ديارهم لايحملون إلا صورا ً لأطفالهم ودعاءً مُبتلاً بالدموعِ لنسائهم
ثم ماتوا على حدود التيه بعد أن حكوا للتربةِ بأقدامهم سيرة َ العطش والجفاف!
ابنُ الصائمين عن الحياة , المفطرون على الموت, الباحثون عن ملامحهم في حقائب الأمس الجريح
الذين قرؤوا في جرائد الوطن خبر وفاتهم وهم لايزالون مقيدين بأغلال الحياة !
ابنُ مَن تصفحَ خطوطَ يده باحثا ً عن سرِ نجاتهِ الأخير , أغاني صعاليكُ الليلِ على الرصيف ,
ابتهالاتُ الصوامعِ في الكنائس,المنفى وآخرُ الحلولِ الموجعة,
حكاية العذراء التي حملت من بطن السماء غيمةَ الفحولة ثم أجهضت جميع رجال الأرض دفعة ً واحدة,
ابنُ الذين آمنوا بالقضايا الكبرى ثم عادوا يحملون فوق ظهورهم ماتبقى من أحزانهم ,
"الذين ضلّ سعيهم في الحياةِ الدنيا وهم يحسبونَ أنهم يحسنون صنعا" ,
ابنُ الذين أرادوا أن يتذكروا فنسوا , الذين تذكروا بعد فوات الأوان ,
المتناقضات من الأشياء, الحقيقة التي ماتت وهي تحتضنُ أصدق الأكاذيب,
الصامتون في كلامهم المتحدثون بصمتهم,الغائبون عن الحضور والحاضرون في الغياب !
نداء :
ياطفلة الصباح إن هذا الليل قد نحر الشموع وأرسلَ لي ريحا ً تبعثرُ أوراقي
التي لم أكتب فيها بعدْ قصةَ حياتي الصغيرة !
أيتها الطفلة إن غرفتي باتت تشكو من ثيابي المتسخة ,جيبي فارغ وأعتذر لكِ بشدة لأني لم أُحضر
تلك الهدية التي وعدتكِ بها العام الفائت لكن لتعلمي بأني لا استطيع تسديد فاتورة الكهرباء,
ولا استطيع أن ألعب مع أصدقائي على الطاولة الخشبية لأن الرهانَ عالٍ جداً
وأنتظرُ بفارغ الصبر أن يلتهوا بما في أيديهم من حبات النرد كي أسرقَ كوبا ً من الشاي
لم يتبقَ منه إلا القليل ينامُ بجانبِ ذراع صديقي أشربه بسرعه دون أن أتذوق َ حتى طعمه ,
حبيبتي التي لم تخاطبني منذُ عام ولم تبعث مع أصحابي مفاتيحا ً للسلام
أسمعيني وسأقول شكرا ً وسأبكي بعدها
قدّر العشق وما شاءَ فعل :
أن أموتَ لأجلكِ تبدو فكرة مرضية للموت لأنني وبكلِ بساطة
لا أقدرُ على حَملِ حقائب الحياة وحدي.
هي الأشياء :
تعلمتُ من الحب أن أكره , هكذا هي الأشياء تُهدي لنا النقيض دوما ً !
بدون عنوان :
ليست جميع الفرص تستحق أن تُقتنص فبعض الفرص
إستغلالُها يولد حماقات كُثر تماما ً كـ لقائي بكِ!
ضلع أعوج:
الذين قالوا بأن المرأة مخلوق ناقص
لم يُكملوا الجملة:
(والرجل مخلوق تافه) !
تخاريف
هُنا ؛ سأكتبُ حروفاً نقشتُها على سفينةِ وحدةٍ مخروقة ..
وجدارُ عزمٍ يُريد أن ينقض ..
وجبينُ غلامٍ كُتِبَ على جوازهِ " مسلم " .. يلفظُ أنفاسهُ الأخيرة ..
إلا أنّ الجزيرة طمنتنا - مشكورة -
بأنّ جوازه يختلف عن جوازنا ..
سأبقى هنا أثرثر حتى أتأبّطَ الـ " غير " وأرحل عن دُنياكم ..
(1)
نحنُ لن نجتمع على ضلالة أبداً ..
ولكن متى نجتمع !
(2)
عاداتنا هي أبوابنا , فمن يطرق " الشباك " لن يسمع جوابا ..
فأتونا من أبوابنا !
(3)
لا تختبر أحداً .. حتى لا تخسر المزيد من الأحبة !
(4)
الآن ؛
وبعد أن سقطت بغداد ..
آمن بأنّ مُوالاة الكفار كُفر ..
وهل نفعَ فرعون إيمانهُ حين أدركهُ الغرق !
(5)
" الفقر .. أشدّ الملهيات "
ولايزال الفقر لعبة الطغاة !
ولا تزال " لقمة العيش " كحزمة البرسيم المُعلقة بعصا على عنق بهيمة ..
تظل تجري خلفها ..
وكلما إزدادت عدواً كلما إزدادت بعدا ..
فلا هيَ بالتي ظفرت بها وأكلتها ولا بالتي إلتفتت إلى غيرها ؛
تماماً كما يُريد سيدها ..
ولا يزالون يركضون / جائعون !
ذنبنا أنهم شاركونا الوسادة ..
ومسحوا على رؤوسنا ,
يقصُون علينا حكاية السلحفاة والأرنب ..
فصرنا نرى في الهوان والضعف طريقاً معبداً لنصرٍ وهمي ,
ليس لهُ أية وجود إلا في حكايا الأطفال
الموت .. هو الرسالة التي لن تعيها جيداً حتى يُكتب إسمك في خانة " المرسل إليه " !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق